منافسو كسرى و قيصر الروم !!!

 

الحمد الله حمداً كثيراً بعدد نعمه و جلال فضل الله ، و الصلاة و السلام على رسول أمة المسلمين ، محمد عبده و رسوله.

قال الله تعالى في كتابه الكريم ” وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
اعلم أن الله عزّ وجل قد أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، من الأكل والشَّراب واللباس والمسكن، وغير ذلك من نِعَمِه التي لا تُحصى ولا تُعدُّ ، فإذا قمنا بمقارنة النعم التي أنعم الله علينا لأجزمنا بأننا نعيش حياة رغد و رفاهية و ترفاً تتجاوز الحياة التي عاشها كسرى الفرس و قيصر الروم و فرعون مصر.

فأن اقصى ما وصل إليه ملوك مصر سابقاً هي تلك العربة التي تجرها الخيول المصنوعة من الخشب والتي ترهق ركبها أينما ذهب ، وها نحن اليوم نركب أفخم المركبات و أفخم وسائل النقل الحديثة مثل الطائرات و القطارات و السفن الحديثة!

 

و أيضاً إمبراطور فارس والروم كانوا يضيئون قصورهم التي تعد فارهة بالشموع و قناديل الزيت ، ونحن نستخدم أفخم وسائل الإضاءة و نستبدلها من الحين للآخر ، ولا يخفيكم بأن من يقوم بهذه الإضافة لا يشترط أن يكون من الطبقة النافذة أو من طبقة الأغنياء ، بل جميعهم  موظفين ومن الطبقات الدنيا.

إضافةً إنهم كانوا يشربون من البئر ، ويُحمل إليهم الماء في القِرب الفخارية و كؤوس نحاسية ، و نحن نشرب أنقى المياه  المعبئة  الصحية ، أو مياه مرشحة تجري في أنابيب مختصة لنقل المياه ، حتى إننا نستطيع أن نشرب من صنبور المياه ونحن نثق في نظافتها و طهورها.

وكانوا يأتون بالأراجوزات المهرجين  كي يرسموا لهم الابتسامة و يقضون أوقات فراغهم بالضحك على أسلوبهم المضحك ، و نحن نملك أفخم أجهزة التلفاز تنقل لنا جميع ما نشتهي مشاهدته ، سواء رياضية أو ترفيهية ، وتستطيع أن تتسلى بالتلفاز وحده عن مليون اراجوز ، فضلاً عن  أجهزة الحاسوب و السينمات.

ملوك فرنسا كانوا يقتنون في قصورهم أمهر الطباخين الذي يتقنون فنون الطبخ الفرنسي ، و أنت بجوار منزلك أشهر المأكولات العالمية سواءً كانت فرنسية، إيطالية، عربية، خليجية أو صينية !!!

مراوح النعام التي كانوا يهفون بها على رؤوسهم عن قيظ الصيف ، يوجد عندك الآن أجهزة التكييف هواء في منزلك وفي سيارتك وفي مكتبك تحوّل منزلك إلى جنة ، وذلك بلمسة سحرية على مقبس الكهرباء.

إذاً ، فأنت الآن إمبراطور ، وجميع هؤلاء الذين تتغنى صفحات التاريخ بأسمائهم لا يعنون لك شيئاً من الترف الذي أنت تعيشه.

ولكن يبدو من هذا بأننا ملوك أغبياء لا نفقه معنى النعمة التي قدرها الله لنا ولا نشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، فمن عنده سيارة يكنّ الحقد و الحسد على من يملك سيارتان و ومن يملك سيارتان يبكي حاله بأن جاره يملك طائرة ، ومن يملك الطائرة يشتاط غيظاً من صديقه الذي يملك مطار ، ومن يملك زوجة جميلة  يتركها ويشوح بناظره لزوجة جاره!!

ونشاهد من يسرق بعضهم البعض و يقتل بعضهم الآخر حقداً و حسداً على ما انقسم له من رزق ، ومن ثم نلقي بقنبلة فتاكة ، حتى يأتي اليوم ليدمر صفاء و نقاء و أمن المجتمع ويدمر مشاريع المسلمين، بداعي الحسد و الحقد و عدم الرضا بما قسم الله له من رزق ونعمة ونشاهد المرتزقة و النطيحة و المتردية يطمعون بالحصول على الملك ويبثون من سمومهم في أدمغة الشباب حتى يحصلوا على الخيرات الوفيرة في هذا البلد!!

ونلاحظ مطالبهم بالعدالة و الحق بأن جميع مساعيهم مدفوعة بداعي الحقد و الحسد، بل الضغينة التي يدفنها في كبده بسبب عدم قناعته بأنه فرد ويريد أن يصبح ملك.

جميع حروب وفتوحات المسلمين سابقاً كانت تجرف الظلم تحت لواء طلب العدالة وما نشاهده اليوم من حروب بأن جميع مساعيها خلف الطمع و الجشع و الحقد و الحسد وليس خلف تحقيق العدالة و المساواة في أرض الله.

فمهما زادت رواتبنا، ومهما حصلنا على أضعاف المعاش سنظل ننظر للمزيد و نطلب مطالب نار السعير التي كلما امتلأت سألها الله هل امتلأت؟

“و تقول هل من مزيد”

مهما زاد الرخاء و تحقق الترف سنظل نقتل بعضنا البعض و نسرق بعضنا البعض و كلاً يحسد أخاه ويحقد على جاره بسبب غرائزنا و أسلوب التفكير الحيواني و نشاط ” الهو ” في العقل الباطن ، فمهما تقدمنا فإننا نتقدم كالمدينة و نتأخر كالحضارة.

و أسأل الله لي ولكم العافية و القناعة التي إذا فنى الكنز لا تفنى.

هذا و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

بقلمي المونت بلانك/  سعيد 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.